image

الشريك العاطفي

يمر البعض في فترة من فترات حياتهم بانفصالات عاطفية يكون لها تأثير سلبي على صحة الفرد النفسية. ويكون لها تأثير على حياته في ما بعد الانفصال. البعض تكون له ردة فعل قوية من أثر الصدمة العاطفية، فيجد نفسه قد دخل في حرب مع الجنس الآخر بالكامل كنوعٍ من الانتقام والتعبير عن غضبه ومشاعره المكبوتة. ولكن أسوأ ما في الموضوع أن يتسرّع هذا الشخص بالارتباط مرة أخرى، رغبة منه أن ينسي ما مر به في تجربته الأولى التي في الغالب ما تكون مريرة.  وينسى أو يتناسى أنّه ليس في وضع صحيح نفسياً تمكنه من الإقدام علي خطوة ارتباط عاطفي آخر، وأنّ الطرف الجديد ليس له ذنب وفي الغالب ليس على علم ولا درايه بما يمر به هذا الإنسان المقدم على الزواج منه.

غالباً ما يكون هذا النوع من الارتباط السريع وغير المدروس والذي لم يُبنَ على أسس صحيحة في اختيار الشريك المناسب، تكون له آثار سلبية وأكثر مرارة من التجربة الفاشلة الأولى. 

إنّ من الضروري التريّث في اختيار الشريك العاطفي، خصوصاً بعد الإخفاقات العاطفية.

كيف أختار الشريك؟

يُعدّ اختيار الزوج أو الشريك العاطفي أحد أهم القرارات التي يأخذها الفرد في حياته، لأنّ نجاح هذه العلاقة يُشعر الإنسان بالسعادة والاستقرار والراحة النفسية. والعكس صحيح، فعندما يتسرّع الإنسان في الارتباط لمجرد الارتباط ورغبة منه في أن يظهر بشكل اجتماعي معيّن غالباً ما يقع في اختيار شريك غير مناسب وغير متوافق ويصبح الشريك العاطفي الذي من المفترض أن يكون أساس الاستقرار والسعادة مصدر التعاسة والحزن والشعور بالغضب والاستياء.

إنّ الارتباط العاطفي هو مشروع للحياة. علينا التفكير والتأني ودراسته بعمق قبل الإقدام على هذه الخطوة. لأنّ تلك الخطوة سيترتب عليها ليس فقط استقرار أو تعاسة طرفي الزواج، بل سيترتب عليها مستقبل أطفال واستقرارهم النفسي والعاطفي.

وفي الواقع مرحلة ما قبل حتى اختيار الشريك والتفكير في الارتباط، هي مرحلة تُحدّد فيها أنت ما مدى استعدادك النفسي للدخول في علاقة عاطفية؟ وهل أنت جاهز بالفعل لتحمّل أعباء ومسؤوليات العلاقة ونتائجها؟

إذا كنت على وشك الدخول في علاقة عاطفية أو تستعد للارتباط العاطفي، أطرح على نفسك هذه الأسئلة لتتمكّن من تقييم نفسك ومدى استعدادك.

- هل أنا مستعد للارتباط؟

- هل أمتلك مهارات التواصل مع الطرف الآخر بشكل جيد؟

- ماذا أُريد من العلاقة العاطفية الجديدة بالضبط؟

- هل في داخلي إي نوع من الألم ناتج من علاقات سابقة؟

- ما أهم المميزات التي أريدها في شريكي العاطفي؟

- هل أنا مستعد مادياً لتحمّل أعباء مالية مترتبة على هذه العلاقة؟

- ماذا تعلّمت من تجاربي العاطفية السابقة؟

- ما هي أبرز عيوبي عندما أكون في علاقة عاطفية؟

- هل أستطيع تعديل هذه العيوب والعمل على إصلاح نفسي؟

- ما الذي يؤهلني ويجعلني جاهزاً للارتباط؟

عندما يقف الإنسان ويجيب عن هذه الأسئلة بوضوح وصراحة بينه وبين نفسه ويعرف تماماً أين يقف بالضبط ومدى استعداده العاطفي، بالتالي يستطيع المضي قُدماً في اختيار الشريك العاطفي المناسب. ولكن عندما يجد نفسه غير مستعد لأي سبب من الأسباب من الضروري أن يعمل على إصلاح نفسه أولاً حتى يستطيع بالتالي أن يدخل في علاقة عاطفية صحية وسعيدة ومتكافئة.

هناك بعض الأخطاء الشائعة في اختيار الشريك:

الخطأ الأول هو أن شخصاً آخر يختار الزوجة

للأسف البعض يُعطى صلاحية اختيار الشريك العاطفي لشخص آخر مقرّب كالأم على سبيل المثال. ومع احترامي وتقديري لكل الأمهات واختياراتهن لكن الأمر في النهاية لا يتعلق بهن. فالرجل هو من سيعيش مع هذه المرأة فبالتالي يتوجب عليه هو اختيار المرأة المناسبة له. 

من الطبيعي أن تختار الأم زوجة الابن من عائلة محترمة وجميلة وذات سمعة طيبة، ولكن كل هذه العوامل ليست كفيلة بنجاح العلاقة وتكوين علاقات صحية متكافئة.

يقع على عاتق الرجل مسؤولية اختبار واختيار طبائع شريكة حياته على الأقل يجب أن يعرف أهم السمات التي يحتاجها هو شخصياً في شريكة حياته. فكل إنسان تختلف احتياجاته عن الآخر. فمن الضروري أن يعرف الشخص من هو الشريك المثالي بالنسبة له أولاً قبل الشروع في عملية البحث عن شريكة الحياة.

 

الخطأ الثاني هو اختيار الشريك بناءً على الشكل الخارجي فقط

أتفق أن قبول الشكل الخارجي مهم ولكن لا نستطيع أن نبني علاقة صحيحة بناء على شكل جميل فقط.

ويستند البعض إلى مقولة (أن الله جميل يحب الجمال)

ولكن من يستند على هذا (لا يكتفي ولن يكتفي بشريك عاطفي)، فالجمال مهما بلغ فهو متغيّر بفعل الزمن وحوادث عرضية محتملة، وكل جميل يوجد ما هو أجمل منه وأطغى في الجمال بالتالي اختيار الشريك العاطفي أمر أعمق من اختيار شكلٍ جميل.

 اختيار الشريك العاطفي هو اختيار روح أخرى نتقاسم معها العُمر بحِلوه ومُرّه.  روح أمينة وصادقة نأمن بجانبها وتطمئن أنفسنا إليها وتأنس الروح بجوارها. 

ومن الامور المهمة التي يجب النظر اليها هو السن أو العمر المناسب للارتباط.

فهل هناك سن مناسبة للارتباط العاطفي؟ وكم هي ؟

من تجارب الحياة تجعلنا نصدّق أنّ العمر هو مجرّد رقم، وهو ليس مقياساً حقيقياً لنجاح العلاقات العاطفية ولا يعتبر مقياساً للنضج، فربما شخص بعمر الخامسة والعشرين أكثر نضجاً واتزاناً من شخص في الخمسين من عمره.

نجاح العلاقات العاطفية يحتاج إلى العديد من المهارات وليس إلى سن معيّنة.

كأن تكون ناضجاً بما يكفي وتمتلك مستوى عالياً من التسامح والتفاهم ومهارات الاتصال مع الطرف الآخر والقدرة على التعامل مع نفقات الشريك، كما تحتاج مهارة تقبّل الآخر ومهارة احترام الفروقات ومهارة تحمّل مسؤولية الحياة الزوجية والقدرة على الالتزام بهذه العلاقة.

علينا النظر بتمعّن في كلّ هذه المهارات والسمات ومدى إجادتنا لكلٍّ منها. والعمل على تطوير ما ينقصنا حتى نكون على أتم الاستعداد لارتباط عاطفي ناجح.